تأثيرات موسم كأس العالم على الأسواق التجارية مع تطبيقات لاستثمار الموسم

محتوى المقالة

علاقة السلوك الشرائي بالمواسم

في مقالة نشرتها منصة فوربس الشهيرة تحت عنوان «تأثير كأس العالم على سلوك الجمهور والتسوق عبر الأونلاين»، كشف أحد خبراء التسويق الرقمي باستخدام علم البيانات من خلال عمله لصالح مجموعة من العلامات التجارية الشهيرة، وجود علاقة قوية بين أحداث كأس العالم وزيادة ملموسة في إنفاق الجماهير بعد انتصارات المباريات وبالتحديد في الدول المعنية بمنتخبات تلك المباريات. ومن ضمن المخرجات التي وصل إليها كانت زيادة بمقدار 75% في الإنفاق خلال التسوق عبر الأونلاين في اليوم التالي لفوز ألمانيا بكأس العالم عام 2014، كما لوحظ انخفاض بمقدار 51% في الإنفاق لدى المتاجر الإلكترونية في المكسيك بعد خسارتها في دور الـ 16.

بذلك يمكننا أن نتصور زيادة في الإنفاق بعد كل فوز، وتراجع في الإقبال على إنفاق الجماهير بعد خسارة منتخبات بلادها، إلا أن التفاصيل التي تضمنها المبحث هذا ذهبت إلى ما هو أبعد من ذلك، وكشفت عن وجود علاقات أكثر تعقيداً في بعض البلدان، على سبيل المثال؛ فرنسا، شهدت زيادة في إنفاق الجماهير بعد الفوز وبعد الخسارة أيضاً. مما يعني بأن تلك القاعدة قد لا تصلح على كافة البلاد، لكنها تؤكد في ذات الوقت وجود علاقة ملموسة بين إقبال الجماهير على الإنفاق وبين أحداث كأس العالم، أما الذي قد يحدد طبيعة هذه العلاقة، هل ستكون بزيادة أو نقصان بعد كل فوز أو هزيمة، فيتضح أنه أمر مرتبط أكثر بثقافة وبيئة كل بلد.

شتات تركيز الجمهور

من الملاحظات الشخصية التي أود مشاركتها أيضاً في ذات السياق من واقع اطلاعي وتجاربي الشخصية؛ هو وجود علاقة بين أحداث كأس العالم ومعدلات النقر إلى الظهور المعروفة بالـ CTR، ضمن بعض قطاعات العمل، حيث لوحظ تراجع صريح بمعدل الـ CTR في بعض الحملات الإعلانية بمقدار 50%، مما يعني أن قابلية الجمهور للنقر على إعلانك ومعرفة المزيد عنه أصبحت أقل في ظل هذا المناخ المليء بالتشتت. وهي نفس الملاحظة التي وضعها مديرة التسويق لورين في مؤسسة Incubeta خلال دراسة نشرتها مؤخراً تحت عنوان تأثيرات كأس العالم والجمعة البيضاء على الأسواق. وهو ما يزيد تعقيد المشهد الآن أمام المسوقين في ظل تزاحم المواسم والأحداث في الربع الأخير من السنة، على صعيد المباريات والعروض الموسمية، إلى جانب شتات تركيز الجماهير وتخبط سلوكها.

تأثر الأسواق التجارية بكأس العالم

إلى الآن يظهر وكأن هذه التأثيرات تبقى على صعيد المنصات الإعلانية والمتاجر الإلكترونية، لكن حقيقة، العميل هو واحد في النهاية، ولصعوبة قياس أنشطة وسلوك الجماهير على أرض الميدان، لا يمكننا تقديم إحصائيات دقيقة، إلا أنني أعتقد شخصياً بأن التأثير ذاته ينطبق على سلوك الجماهير في الأسواق. وخاصةً عندما تكون أهم المباريات متموضعة عند الساعة السادسة والعاشرة مساء، وهي الأوقات التي تعتبر ساعات النشاط والذروة للأسواق التجارية في الخليج العربي بخاصة.

تداخل المواسم والمناسبات

وفي عام 2022، ولأول مرة، يدخل كأس العالم في معادلة الربع الأخير من السنة ليزيد من تعقيد سوق المنافسة، مع تداخله مع مواسم الجمعة البيضاء، وعروض رأس السنة، وغيرها من الأحداث، بالتزامن مع انكماش الأسواق التجارية في ظل المناخ الاقتصادي العام للعديد من البلدان والقطاعات، مما يعني أن على المسوقين التفكير بحلول جديدة واستثنائية في هذا الموسم للوصول إلى النتائج والأهداف المرسومة. وكالعادة؛ مصائب قومٍ عند قومٍ منافع إن جاز التعبير، فالأنشطة التجارية التي يبدو وكأنها تفقد زمام المبادرة في هذا المناخ والموسم، لا شك بأن هناك قطاعات عمل أخرى كانت مستفيدة من موسم كأس العالم، وشهدت إقبال هائل، مثل قطاع الفنادق على سبيل المثال الذي يشهد إقبالاً غير مسبوق في دولة قطر والإمارات العربية المتحدة بالتحديد، وغيرها من دول الجوار بالتزامن مع أحداث كأس العالم.

تطبيقات عملية لاستثمار موسم كأس العالم

لذلك في ظل هذه الأسواق شديدة المنافسة نهاية العام، أحببت تسليط الضوء على بعض الأفكار التي قد تساعد نشاطك التجاري على تعزيز أداءه وزيادة تموضعه في السوق.

إطلاق أوفر لا يقاوم بمناسبة كأس العالم

في هذه الحملة يمكنك دخول السوق بخصومات استثنائية مع صياغة أكثر شبابية ومناسبة للجمهور المتحمس إلى أحداث كأس العالم، بدون التركيز على أي فوز أي منتخب بعين ذاته. وفي هذا السياق؛ أهم ما يجب التأكيد عليه هو طرح الأوفر غير المسبوق الذي لا يقاوم، بمعنى إكرام جمهورك بالمزيد من الخصومات على أسعارك إذا كان البزنس موديل يسمح بذلك، أو إكرامهم بقيمة مضافة على السعر ذاته، مثل توفير خدمات توصيل مجانية أو خصومات للطلبات الجماعية أو سلع إضافية إلى السلعة الرئيسية التي تبيعها. باختصار أكثر؛ علينا أن نتعامل مع هذا الموسم بعقلية للخصومات أو العروض مختلفة عن العقلية السابقة في ظل الظروف الطبيعية.

إطلاق أوفر بمناسبة فوز المنتخب الوطني

في حال فوز المنتخب الوطني لجمهورك في أي مباراة من مباريات كأس العالم أو تأهله لأي مرحلة متقدمة، لا يمكنك تفويت هذه المناسبة الاستثنائية إطلاقاً، حتى ولو قمت بتوفير عرض معتاد بعيداً عن العرض الذي لا يقاوم المشار إليه في الفكرة الأولى، لأن جمهورك سيكون في مزاجية أكثر استعداداً للإنفاق في ظل مناخ الرضى والنشوة في أوساط المجتمع بفوز المنتخب أو تأهله. بالتأكيد؛ ذلك لا يعني أن تبخل عليهم عمداً وتعكر صفو مزاجهم بنشوة الانتصار، لكن هنا العرض يمكن أن يكون أكثر اعتدالاً لكل من العلامة التجارية والعميل النهائي.

تخمين نتائج المباريات قبل انطلاقها

من الترندات التي لاقت قبولاً كبيراً لدى الجماهير في العالم كان مشاركة تصويتات من العلامات التجارية حول نتائج المباريات المتوقعة، حتى ولو لم تكن مباراة للفريق الوطني، وكل يتوقع النتيجة النهائية يمكنه الحصول على خصومات أو عروض أو هدايا، ترسل إليهم عبر الإيميل مثلاً لكل من عبئ النموذج.

المشاركة في دعم المنتخب الوطني

من الترندات الأخرى أيضاً التي ستكون من نصيب الأنشطة التجارية التي تتمتع بميزانيات جيدة، هو ذهاب أحد أصحابها أو مشاهيرها إلى مدرجات قطر لتشجيع المنتخب الوطني أو نقل الأحداث بشكل دوري وتوفير بعض الهدايا للجمهور.

في الختام؛ تتلخص جميع الأفكار بدفع العلامة التجارية للخروج من قوقعت الرسميات والعزلة عن المجتمع، والاقتراب أكثر من خط الشباب المتحمس لهذا الحدث، وخاصة كون أنه يقام ولأول مرة على أرضٍ عربية، فكل الأفكار التي يمكنها إدماج العلامة التجارية مع جمهورها في هذا المناخ قد تساهم في تحسين الأداء وتجاوز هذه التحديات التي أتى بها تداخل الأحداث.

شارك مع صديقك🙌🏻!

م. ياسر الحراكي

مستشار لحلول التسويق والتحول الرقمي

متخصص ببناء قنوات توليد العملاء، وتطوير نظم تتبع سلوك الجماهير بهدف تحسين معدلات التحويل، إلى جانب قيادة أنشطة التحول الرقمي لرفع كفاءة المنظومة التسويقية والمبيعية للشركات. أقدم الاستشارات الخاصة لأصحاب الأعمال لإحداث النقلات النوعية على منحنيات أداء مشاريعهم.

متخصص ببناء قنوات توليد العملاء، وتطوير نظم تتبع سلوك الجماهير بهدف تحسين معدلات التحويل، إلى جانب قيادة أنشطة التحول الرقمي لرفع كفاءة المنظومة التسويقية والمبيعية للشركات. أقدم الاستشارات الخاصة لأصحاب الأعمال لإحداث النقلات النوعية على منحنيات أداء مشاريعهم.

توصل بإشعار في بريدك الإلكتروني عند نشر كل مقالة جديدة!

تعلم المزيد

شارك رأيك أسئلتك ولا تتردد!​

فكل تعليق سيتم الرد عليه خلال 24 ساعة كحد أقصى

سرع نمو مشروعك التجاري

وتعرف على الخدمات التي يمكنها نقل أداءه إلى المستوى التالي